خروف كاسيت

مع اقتراب عيد الأضحى تبدأ عملية التفكير فى توفير (حق الخروف) لدى المواطنين خاصة الفقراء منهم وذوي الدخل (المهدود) ، هذا (الخروف) الذى حولته التقاليد من سُنّة مؤكدة تجوز عند المقدرة إلى ضرورة حتمية (مية المية) لا يمكن تجاوزها حتى فى أحلك و(أفلس) الظروف .

ورغم التطمينات التى نستمع إليها من بعض (المعنيين) من المسئولين الذين يؤكدون (فى كل عام)  بأن سعر (الخروف) سوف يكون فى متناول مختلف الشرائح إلا أن الواقع يقول بأن نسبة كبيرة من الأسر سوف لن تستطيع أن (تضحى) هذا العام نسبة للأسعار الفلكية التى وصلت إليها أسعار (الخرفان) داخل (سلة غذاء العالم) بعد أن وصل سعر كيلو الضأن (كم وعشرين جنيه) !

ولأن مسألة (الضحية) أصبحت كما أسلفت تقليداً إجتماعياً لازم الزول يقوم بيهو بأى طريقة (عندو وللا ما عندو) وفى ظل هذه (المسغبة) فالعبدلله يتنبأ بإنتشار محلات (تأجير الخرفان) كما حدث بالفعل فى بعض أقطار الجوار (الغير مصدرة للماشية) :

– اهلا وسهلا يا جماعة .. طلبكم شنو؟

– والله أنا عاوز ليا خروف معقول كده لمدة تلاته يوم .. وكمان أخونا (عباس) ده عاوز ليهو واحد برضو بس عاوزو يومين بس عشان ظروفو بطالة وما بتستحمل !

– (يؤشر نحوأحد الخرفان) : الأسود بأبيض داااك  إيجارو اليوم بى كم؟

– سبعين جنيه

– (مندهشاً) سبعين شنو؟ ياخى هو اصلو (أتوس) وللا أكسنت!

– (عباس متدخلا) : خليك من الأسود بأبيض ده طيب (البنى) الشويه تعبان داك ؟

– ( وهو يمسك به) : الخروف البنى ده إيجارو بى خمسين ! (مواصلا) : وطبعن الخرفان دى أكلها عليكم وبنديكم ليهو من هنا تشيلوهو معاكم عشان ما تكتلوها لينا بالجوع

– بى مناسبة تكتلوها دى هسه خرفانكم الح نشيلا دى أكان حصلت ليها حاجة وكده

– يا خوى نحنا سلمناك خروف تجيبو لينا زى ما سلمناكا ليهو وإلا التأمين بتاعك بيسقط !

– (فى إندهاش) تأمين شنو؟

– (يضحك متهكما) : يعنى إنتو عاوزين تدفعو ليكم مية وخمسين وللا ميتين جنيه إيجار وتشيلو الخرفان دى سااااكت كده ؟ ما لازم تختو ليكم شيك أو وصل أمانة بى تمنا !!

يقوم (كمال) وزميله (عباس) كل منهما بكتابة إيصال أمانة بمبلغ سبعمية وخمسين جنيه لصاحب محل تأجير الخرفان ، يمسك كل منهما بخروفه ويخرجان من المحل ، يشير (كمال) إلى أحد أصحاب (الكارو) غير أن صاحب المحل يخاطب الصبى الذى يعمل معه :

– تعال يا ولد خت الخروفين ديل فى البوكس وصلهم لى أعمامك ديل ..

– بوكس شنو يا حاج البيت قريب بنوصلهم بالكارو ده !

– لا .. لازم نوصلهم ليكم عشان نشوف البيت .. دى حاجات إحترازية بنعملا وكده !

– وح توصلهم لينا بى كم !

– ما بنختلف .. بس ما تنسوا تشيلو القش ده معاكم عشان ما تكتلوهم لينا بالجوع

ما أن دخل (البوكس) الحلة .. وشق صوت الخروفين ارجاء (الزقاق) الذى يسكنان فيه حتى فتحت الأبواب وخرج الأطفال يجرون وراء البوكس الذى أشار (كمال) لسائقة بالتوقف أمام البيت .

تم إنزال الخروفين حيث قام (كمال) بربط خروفه فى (الحنفية) التى بالقرب من (باب الشارع) أما (عباس) فقد ربطه على جزع شجرة النيم التى أمام المنزل !

– شنو يا جماعة الخرفان السمحة دى جبتوها من وين؟

قالها جارهم (كامل) وهو يقترب من (عباس) الذى كان يضع جردل البلاستيك الملئ بالماء للخروف

– قلتا ليا الخروف ده يا (عباس) أدوك ليهو بى كم؟

– خمسين !

– (مندهشا) : بالقديم وللا بالجديد ؟

– باليوم .. (مستدركاً)  أقصد باليورو !

– شنو إشتريتوهو من البنك الدولى !

– يا حاج كامل هو تحقيق ..؟ ما زول إشترى ليهو خروف .. تحقيق هو ؟

– يا (عباس) ياخ سؤالى ضايقك مالك ؟ أنا بس عاوز ليا خروف زيو كده وقلتا أعرف الأسعار

– الخروف ده بى سبعمية وخمسين

– كاش داون كده !

– لا .. شيك .. على بالحرام سلمتا سيدو شيك هسه دى!

بينما كان (كمال) و(عباس) يجلسان على المصطبة أمام خروفيهما ذات العصر وأمامهما الراديو

– (صوت خروف) : بااااااع … باااع .. بااااع

– (صوت أنثوى مايع) :  صوت الخرووف هو أحلى صوت فى أحلى عيد ..

– (صوت رجالى جهورى) : شركة البدائل للإنتاج الفنى يسرها أن تقدم للمواطنين الألبوم الجديد (خروف الضحية) .. يحتوى الشريط على (نغمات فردية) .. نغمة ثنائي .. نغمات كورالية .. خلفيات مختلفة .. (مثلا أصوات الشفع وهم قاعدين يلعبو معاهو) !

– (الصوت الأنثوى المايع) : عزيزى المواطن أحجز نسختك من الآن .. بخمسة جنيهات فقط يمكنك توفير خمسميت جنيه … مع تحيات ( شركة البدائل للإنتاج الفنى) !

إلتفت (عباس) إلى (كمال) مخاطباً :

– يأخى ورطتنا ساااكت .. يعنى هسه كان إشترينا لينا شريط مش كان وفرنا حق الإيجار ده !

– أعمل شنو؟ أنا مفتكر شركات الإنتاج الفنى دى تخصص (حمير) بس .. ما قايلا قلبت (خرفان)

كسرة :

قال له : بالله دى حاله بلد فيهو وزارة للثروة الحيوانية والزول ما يقدر يضحى فيها ؟

أجابه : والغريب شنو؟ عندنا وزارة للطرق وطرق مافى .. ووزارة للمواصلات ومواصلات مافى .. ووزارة للعمل وعمل مافى وووزارة للصناعة وصناعة مافى .. ووزارة للزراعة وزراعة مافى .. ووزارة للرياضة ورياضة مافى .. ووزارة للمالية وقروش ذاااتا مافى !

16 تعليق

  1. اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا

  2. السلام عليكم ، البرف و الاخوان ناس د/ شمباتى و حاج السلاوى ياسر و سترايكر و عزت ييقوفتش ، ميويه وعباس وزى ما قالو المرفعين بعرف حعرى اخوه ، الخروف السنه دى كله فى التلاجه اصلو النسوان ما بعرفو الشرموط عشان كده بقى مافى حديه واحده حايمه ، تختف شنو الا كان الكدايس و الكلاب البتصدمهم العربات فى شارع الظلط ، و دى مشكله لانو الصدم الكديسه بى نفس السرعه ممكن يصدم الحديه ، ومادام مافى حديات لخطف الشرموط و باقى المصارين فحنعمل نايمين من الخروف ، و نوصى لينا على كراع عجالى كاربه نحمره فى الصاج عجبى

  3. تسلم استاذنا جبرة وفي الحقيقة شركات الانتاج الفني تخصص حمير دي سمحة جداً

  4. حقيقه انا معجبه جدا بكل مقالاتك وبتعبر عن الوضع الحقيقي لحاله الشعب السوداني اتمني لك مزيد من التقدم والنجاح

  5. عزيزي الساخر الفاتح جبرا لك تحياتي . انا بشوف الناس تفكر في اللحوم البيضا يعني المغنيه الدجاجه ممكن تحي الحفل يعني الماعندو اجيب ترباس اخ اقصد الخروف ممكن اجيب ناس نجوم الغد اخ اقصد الدجاج 🙂
    شكرا

  6. نحنا ضحينا بالسودان وضحينا بالحياء وضحينا بالرجولة وضحينا بعيالنا في الجنوب وآخر حاجة ضحينا بأنفسنا…. وما تنسوا أن الرسول (ص) ضحى عننا وبعد ده لو في مرة أصرت على الضحية رغم معرفة الظروف … أظن ممكن نضحي بيها

  7. يا سلام يا بروف اتذكرنا ايام القمردينة ,,,
    سلامات يابروف ولكل اعضاء القمردينة القدامي والجدد,,,,
    انت عارف الموضوع لولا شمارات السودانيين كان ممكن يبقي حقيقة لكن السودانيين بطبعهم ما بيحبو المجازفة عشان كدا الناس بتخاف من اكتشاف الكذبة ,,,
    بالجد الحكومة طحنت الناس طحن ,,,,

  8. ابدعت اخي العزيز واجمل مافي قصتك الجملة الاخيرة
    فيه وزارة صناعة ومافية صناعة فيه وزارة طرق ومافيه طرق ………..إلخ

    هذا ه وضع الشعب العربي كُله

    ويا اخي ممكن نقول ان السودان دولة فقيرة نسبيا وعليها عقوبات دولية وهذا قد يكون سبب في سوء الاوضاع

    لكن ماهو قولك بـ أكبر دولة نفطية في العالم ( المملكة العربية السعودية ) والتي والله والله يوجد بها أُناس لا يجدون قوت يومهم , وأُناس لا يجدون مكاناً للنوم .

    لكني اخي العزيز أقول لك إن هذا العصر عصر الإنقلابات , وهو عصر الدولة الإسلامية الواحدة بإذن الله تعالى

    شكرا لك ولقلمك الحنون 🙂

    اخوك الغامدي

  9. الأحباء الأعزاء ..
    سلام
    أشكر لكم دخولكم للمدونة الجديدة هذه .. ودعونى أقوم بتحية الأخ الغامدى من السعودية وأقول له إن الملك لا يدوم وأنه فى نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح ..

  10. والله يا استاذ لم اشأ الا ان اضحك حتي دمعت عيناي …. فشر البلية ما يضحك …
    لك الله ايها الشعب الابي…

  11. البروف جبرا والسادة الكرام …. سلام وحب شديد
    نحمد الله على سلامة العودة للوطن الام … ونشكر البروف علي الاستجابة للمطالبة الجماهيرية بعودة القمردينة … وها هي قد عادت فهلا عدنا ؟؟؟
    القمردينة عندنا اكبر من كده … اكبر من مدونة واكبر من موقع اسفيري … هي اسرتنا وبيتنا وحلتنا واهلنا وناسنا … والعرفناهم هنا بيعادلوا العرفناهم طوال عمرنا … وربما تواصلنا معهم اكبر من تواصلات -ممكنة ؟؟- اخري … وهي وهم دوما في القلب .

  12. حاج أحمد السلاوى | رد

    الفاتح .. والله نحنا اليوم سعداء سعادة اصلها ما حصلت قبال دا ..
    حمدن لله على السلامة ..

  13. الشعب السودانى يكابد المسغبة … زمان كان العيد أحد المخارج للتلذذ بمصمصة العضام لكن يبدو أن هذا العام هو الحد الفاصل بين تلك الممارسة وريحة الشية … الناس تانى تركز على محل بيوت البكا المقامة بالعمارات والطائف ..أما السماية فدونها البليلة فهى البديل الأنسب … هذا العام الضحية فى السودان أغلب الناس حتقول باص مما يعنى أنها مدكوكة … الإنقاذ فى حوجة للإ نقاذ .. البلد فى ورطة كبرى

    1. تقصد يعنى يا سلفاب الناس كووولها تبقى كباتن (طيارات) !!

  14. اود ان ابدي اعجابي بكتاباتك,اللي بعض الناس ما بقدروا يوصلو (للزبدة) بتاعته و على قولك (الفهم قسمة)
    الشعب السوداني ماشي بسياية ما بي اليد حيلة..الا من رحم ربي …
    على قولك _____ كسرة:
    The pen is mightier than the sword..بس الله يسترمن الزمن ده >>كلو بقى
    made in china حتى الناس

  15. اضافة اخيرة:
    The pen is mightier than the sword
    انا قصدت فيها اسلوب المدح لي كتاباتك ..عشان الناس ما تفهم غلط..اما عن made in china قصدت فيها النفوس الضعيفة اللي بقت تعج بيها مكاتب المسؤوليين..انشاء الله بس مافي زول فهمني غلط

اترك رداً على م.ب.س إلغاء الرد